أنـَّات "مواطن" على نفس المركب الواحد

من طرف **جرس2010** السبت يوليو 07, 2012 4:45 am

محطة من محطات سكان المحطة

أنـَّات "مواطن" على نفس المركب الواحد
Sad

حينما تحولت أسباب العيش من الأعمال الحرة فلاحية كانت أو صناعية أو تجارية أو مهنية Sad

ـ من المهن التقليدية أو الحديثة أو ما يطلق عليها "المعاصرة" ـ ) داخل مجتمع ينضب بالحياة إلى بين أيدي الوظيفة العمومية والتي أصبحت حاملة مسؤولية ترتيبها لتنظيمها فارتكزت أساسا على مجموعة من القوانين والتشريعات المحافظة في ظاهر عمومها على كرامة موظفيها حاملة في واجهات عمومياتها مسؤولياتها لتوفير أجواء مهنية تخدم المجال وتوفر للموظف أنى كان أسباب العمل بفعالية ، وتتالت النصوص مع تتالي الفصول وكان الإطار مـُؤ َطـَّرا بها ، مـُلزِمًا الراعي والرعية السائل والمسؤول الرئيس والمرؤوس باتباعها والخضوع لها ، فؤسست مدارس ومراكز ومعاهد لتكوين المسؤولين والموظفين على السواء وكل في مجال تخصصه ، وحـُمِـلت المهن على كواهل الجميع من أبناء الوطن ، من منطلقات مهنية صرفة، تخرجوا على أيدي مكونين اختلفت طرق تعيينهم ومقاييس اختيارهم لحمل هذه المسؤولية وطرق تمريرهم لخطاباتهم كل حسب قدراته المهنية وحصيلته الثقافية ، وتوجهاته مع اهتماماته الفنية والأدبية والعلمية ،مع ميولاته أو اختياراته السياسية والنقابية من منطلقاته الاجتماعية وأوساطه البيئية ... ما شكل تنوعا حقيقيا يمكنه السير قدما بالوظيفة العمومية بفعالية بامتياز ...

لكن والحالة هذه والواقع معاش ولا لبس فيه ومعه فلسنا في حاجة لسبر أغوار الوظيفة العمومية كي نتعرف على مخلفاتها بانكساراتها ـ ( إنها لم تعد تتحمل حمل اختبائها وتسترها وراء وبين أو خلف ستائر الليل أو ما ترخيه أنوار النهار على واقع الحياة اليومية أو الموائد المصقولة من عهد الكهف والرقيم والكلب الباسط ذراعيه لنهش المسار من حيث المنبع والمصب على السواء من كل عمق في كل مهنة وفي التواء ) ـ لما عانته من خبايا دواخل كواليسها العاملة في العمل الوظيفي وفي كل مهنة ووظيفة عمل النار في الحطيم من عِهْنٍ مبعثر تارة ومكوم مرات في غباء أحيانا ودهاء حقبا ومكر عقودا ، إلى أن فقدت الوظيفة أو تكاد قيمتها الاجتماعية وحولتها الأيادي النابشة بفؤوسها المقوضة كل جمال إلى جثة هامدة كي تبني ـ "الأيادي النابشة " ـ لنفسها مساحات وظائف غير حكومية لفك ارتباط الوظيفة العمومية عن المسؤولية المهنية والاجتماعية والوظيفية :الإنسانية والأخلاقية، الشيء الذي معه تزايدت الأنات والتسابق إلى اعتلاء المراتب ولا تهم الطريقة ونوعية الوسيلة للوصول إليها وإنما الوصول رغم طمس معالم روح الحياة في الإنسان وكبتها من مركز أطياف الأفعال داخل مركز شعور الإنسان ليبقى ملتفتا يمنة ويسرة باحثا عن نفسه التي ضاعت منه في زحمة الأطياف من أفعال وردود الأفعال

فإن كنت من هواة التسلق في أسلاك الوظيفة العمومية بأدراجها وسلالمها وأبوابها وأزقتها ودروبها وتلج ثنايا خبايا خفاياها وجميع نعوتها بصفاتها وأوصافها ورغد العيش والعيش في بحبحة السعادة الدائمة والامتيازات المفبركة مهنيا واجتماعيا واقتصاديا ، وذكيا يحميك القانون فتملق لتتسلق بعد أن تـُعـْرَفَ فتـُوشـَمَ بأوشمة مزركشة منحوتة ترصعك من رأسك إلى أخمص قدميك ما إن درت مع القرد في دورته و رقصت للغيلم في لجته و في ضيعته من جنته
ولك على سبيل الاستئناس هذه بعض النصائح كي تصبح موظفا محترما ، متميزا ومحميا لتظل تنافس بين الذات الفاعلة والذات المأسورة
1- أن تكون بشخصية ضعيفة ، فالوظائف لنعومتها وحساسياتها وكواليسها لم تعد تتحمل حمل أعباء موظفين بشخصية قوية أو إرادة فاعلة أو تقويم جاد فالجودة في التغابي
2- أن تكون لين الرد على رئيسك المباشر ( الليونة هنا تعني قبولك تأويل وتنفيذ كل ما يصدر عن رئيسك من رعونات دون إبداء للرأي ولو كانت خارج الإطار القانوني رغبة في جني مصلحة شخصية على حساب مصلحة أو مصالح عامة:
1* أوامر تذهب إلى حد القيام بتغليف المهام الإدارة بإطار التعاون بدل الإطار القانوني ،
2* توجيهات تستحضر قوانين متى كانت في خدمتها ولو كانت منسوخة بغيرها "حسب العرض والطلب" ...)
3- أن تتعود التبسم في وجه رئيسك المباشر ووجوه زواره من أصدقائه وزملائه وملازميه عند زياراتهم له بمقر إدارته وهو يحكي لهم كيف يبرع في إيلام مرؤوسيه ولتكون هنا أكثر إيجابا أن تذ ْكُر زملاءَك بما يستهوي رئيسَك من كلمات القدح والذم ببليغ الأوصاف
4- أن تقتني سيارة فهي مهمة لتوصل رئيسك المباشر إلى مقر عمل زميل لك وأخ في المهنة كي يلقى عليه القبض متلبسا بجرم التفاني في العمل فتشهد أن إبريق الشاي كان على المكتب بنعناعة بلدية نكاية به كي تفوز فوزا عظيما وتركب قاطرة من قـُطـُر السِّباق جليا وتصبح من المقربين وعدلا تقيا
5- إياك ثم إياك وكلمة حق فهي ملاذ كل غبي من الذين لا يحميهم القانون فتستدعى استدعاءات زجرية تربوية وينسى كل مسؤول حينها أنك كنت من المقربين تقيا
6- أن تشهد لصالحه ولو لم يطلب منك ذلك كلما أزبد وأرعد أو أرعن وتبرر شهادتك من إنشائك بما حباك الله به من خيال واسع
7- أن تحافظ على الهندام كي لا تندم ( المحافظة على الهندام هنا يعني الخنوع فقط وهذا ليس بالأمر الصعب )
8- أن تكون بارعا في خلق الأزمات بين الموظفين كلما كلفت أو دعيت لذلك (فالإدارة الناجحة تحتاج إليها في بعض الأحيان تلبية لتنفيذ قرارات الكواليس )
9- أن تكون طيعا ونبيها في نفس الآن كلما كان الأمر يهم تنفيذ أمر إداري يؤدى خارج القانون الإداري والوظيفة العمومية
10- أن تكون اجتماعي الطبع ولا تخرج عن جماعة حاشية رئيسك المباشر فتقعد ملوما محسورا بل محصورا بين الأذى والتأذي
11- أن تحسن جلستك و رئيسك المباشر ( واعلم أن ابتسامته أمر وكلامه أمر ومزاحه أمر وحتى إذا نفض حلمة أذنه فذاك أمر ...)
12- أن تعلم أنه يمنع عليك منعا تاما الإعلان عن سوء معاملة من رئيسك المباشر وإلا فأنت عاق الوظيفة العمومية برمتها من خلال رؤسائها
13- أن توزع الهدايا يمنة ويسرة بسخاء بالمناسبة زكاة ومن غير مناسبة رشوة عند كل عتبة رئيس مباشر كان أو غير مباشر تصاعديا
14- أن تعلم أن الرشوة مرفوضة قولا ونطقا محللة فعلا وعلى اليد اليمنى ألا تعلم ما قدمته اليد اليسرى كي يثبت الأجر
15- أن تفضل مصلحتك الشخصية من ضميرك المهني الإكسي على مصلحتك الشخصية من ضميرك المهني الحي ليكون عملك مشهودا
16- أن تكون طاعتك لرئيسك المباشر عمياء صماء بلا عين رأت ولا أذن سمعت كي تفوز فوزا عظيما وترتقي رقيا مشهودا وتحوز على منصب فتكون مرعيا
*- ومن الوجاهة أن تلبس لباسا مقجوجا وبربطة عنق وحذاء أسود وجلسة في جماعتك الجديدة من رؤسائك موزعا للتهم والروايات ومجددا
17- أن تعلم أنك بما سبق من الإشكالات والمشكلات الإدارية والخرقات والممارسات اللاإدارية واللاتربوية باليد التي أهلتك محميا
18- أما إن كنت من هواة المعاناة اليومية وتلقي المقالب والمكايد من كل فج وصوب وضنك العيش المزمن والعيش في بؤر القلق الدائمة والمشاكل المفتعلة مهنيا واجتماعيا ومغفلا لا يحميك القانون تجري عليك قولتهم الشهيرة المرسومة بكل جفاء لهدر الحقوق"القانون لا يحمي المغفلين " فخالف لتعرف من قبل من يتحكمون في أرزاق ومصائر الناس وبالتالي في حياتهم يديرونها كما يحلو لهم وبما يخدم مصالحهم الشخصية فمن لازم جانبهم فاز فوزا كبيرا ومن خالفهم الرأي ولو بالحجة والبيان خاب وخابت مسالك حياته جميعها وخسر خسرانا مبينا والتوت يداه وقعد ملوما محسورا ، فتـُوشـَـم بأوشمة منحوسة منحوتة ترصعك من رأسك إلى أخمص قدميك واقفا وقاعدا وعلى جنبيك في حلمك ويقظتك ومترسبا في كل فج عميق من كل فنان عقيم وكل ملازم رخيص ما لم تـَـدُر مع القرد في دورته ولم ترقص مع الغيلم في لجته وسط ضيعته من جنته وإياك ثم إياك أن تنطقها صيحة المظلوم متضرعا إلى الله بالقول :
اللهم إني مغلوب فانتصر Sad

حينها فقط تنهمر عليك الأفواه بالمكر الحاقد المجحف من كل مستفيد زعيم والله لا تضيع ودائعه
الحق حق ومعه الإنصاف كله والخير عينه والتقدم نفسه والعدالة جميعها وفي سبيله فليتنافس المتنافسون الحق حق ولو تطاولت عليه ظلمات الليل في أعماق البحار واجتمعت على ذلك الإنس والجان يبقى نورا ساطعا كنور الجوزاء إلى لقاء العزيز الجبار حين يسأل جهنم : هل امتلأت فتقول هل من مزيد من صناع الباطل وأكلة روح الحياة فمن شاء ولم يـَأ ْبَ اهتدى إلى ربه سبيلا وأصلح ما بينه وبين ربه وما بينه وبين وطنه من عقدة المسؤولية الملقاة على كاهله على أن يلقى الله وقد أدى الأمانة وبلغ الرسالة بالحق ولم يزغ عن ذلك قيد أنملة ...ليكون بذلك حقا أهلا للقاء ربه وقد سلك في دنياه مسالك المواطن الصالح النافع لوطنه حاضره ومستقبله

مع تحية أبي المعاناة من كل حدب وصوب
رشيد دكدوك