من اجل بيئة قابلة للحياة

إن لفظة بيئة تعني لغويا الوضع الذي يرجع إليه الإنسان فيتخذ منه منزلا،واصطلاحا :فإنها تمثل الطبيعة أو الكون،ومن ثم الإطار الذي يحيا فيه الإنسان عموما،لكن الحياة الفعلية لا تتسنى لمختلف الكائنات في غير الغلاف الجوي أو المحيط الحيوي المقدر سمكه بنحو 24 كلمتر،يبلغ أقصى عمق المحيطات منها حوالي 13 كلمتر وأعلى قمم الجبال زهاء 11كلم .
ويحتوي هذا المحيط على مكونات حية وأخرى غير حية،تشمل كلا من المحيط المائي (الهيدروسفير) والجوي(الاتموسفير) واليابس(الليتموسفير)،مترابطة فيما بينها،بعلاقات ذاتية وعلاقات تكاملية مع بعضها البعض ضمن ما يطلق عليه النظام البيئي eco-systeme .
ويشكل المحيط الحيوي الذي يتضمن الأرض وما عليها وما حولها من ماء وهواء،وما ينمو عليها من مزروعات وحيوان وغيرها،نموا ووجودا سابقا على تدخل الإنسان وتأثيره المقصود في البيئة،أولى المنظومات الرئيسية الثلاث التي يعيش فيها الإنسان،يليه المحيط الصناعي(التكنو سفير) الذي يتكون من كافة ما أنشاه الإنسان في حيز الغلاف الحيوي من مستوطنات بشرية ومؤسسات اجتماعية وثقافية،ومراكز أنشطة صناعية وحرفية وتجهيزات أساسية ،ثم يأتي المحيط الاجتماعي(السوسيوسفير)الذي يدير في كنفه الإنسان شبكة علاقاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ،وتتميز تلك المحيطات الثلاث بتفاعلات بتفاعلات فيما بينها.
ولعلنا لا نغلو في قولنا إذا ذهبنا إلى إن الإنسان جزء من البيئة،عملية نشأته تعود إلى الأرض،قال تعالى هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكم.) النجم 32
فمن الأرض خلق الإنسان، واليها سيعود ليبعث من جديد (منها خلقناكم ،وفيها نعيدكم ، ومنها نخرجكم تارة أخرى.)طه155 ،وفيما بين صرخة الحياة ،وحشرجة الموت الأخيرة ،على الأرض يمشي (هُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النّشُورُ) الملك15،وعليها يشيد القصور والمباني بحثا عن الأمن وسعيا إلى الراحة (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)الاعراف170 ،ومنها يقتات ،فهي مصدر غذائه ذي المنشأ الحيواني والنباتي (الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مّن نّبَاتٍ شَتّىَ * كُلُواْ وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لاُوْلِي النّهَىَ).
تأسيسا على ما سبق،نجد أن تحسين حال البشر يعتمد على السلامة الايكولوجية وازدهار الكثير من مجتمعات النبات والحيوان ،في حين أن سلامتها وازدهارها لا يعتمدان على الأقل على حسن حال البشر.بل إن كل مسعى بشري اقتصادي ،له في حقيقة الأمر تأثير مدمر على البيئة،فالإنسان للأسف يضع نفسه خارج أنظمة البيئة ،ويعتبرها ملكيته الخاصة فيتصرف فيها كما لو كانت حديقته المنزلية ،وهذا الانطلاق هو اكبر مشكلات البيئة.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ومن المشكلات نجد:
-مشكلة الغذاء
-مشكلة الطاقة.
-مشكلة السكان.
-مشكلة التلوث.
فهل كان على الإنسانية أن تنتظر كل هذه السنوات الضوئية لتتنبه إلى الأزمة الايكولوجية في مؤتمر ستوكهولم 1972؟ سؤال عميق قد نوجهه إلى كل أولائك المنبهرين بالمدنية الغربية.بينما بالعودة إلى تقاليدنا وديننا نستطيع إيقاف النزيف،الم يقل رب العزة : {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ ُمفْسِدِينَ} البقرة60
بقي أن أشير إلى أن التلوث هو كل تغير كمي أو كيفي في مكونات البيئة الحية وغير الحية.فالتغير الكمي قد يكون بزيادة نسبة بعض المكونات الطبيعية للبيئة كزيادة ثاني اوكسيد الكربون ،زيادة درجة حرارة المياه، تسرب النفط إلى البحر...أما التغير الكيفي فينتج عن إضافة مركبات صناعية غريبة على الأنظمة البيئية الطبيعية كمبيدات ددتddt .انه (التلوث)إحداث خلل بنقص أو زيادة في إحدى الموارد الطبيعية.
سلوكيات من اجل بيئة قابلة للحياة
مما لا شك فيه أن حماية البيئة هي أحسن أسلوب للتعامل مع البيئة يأخذ بالحسبان اتزانها ومحدودية مواردها حتى تبقى مأوى مريحا للإنسان ،واستثمارها دون إسراف ولا استنزاف.ولا يتم ذلك إلا عبر نقط أجدها ضرورية:
*الاستعمال المعقول لمكونات البيئة
*إصلاح العطب
*خفض استهلاك الموارد غير المتجددة.
*الوصول إلى نقطة الصفر في النمو السكاني.
*سن قوانين زجرية لكل من يلوث البيئة
*جعل البيئة هما إنسانيا بالدرجة الأولى.
*التحول نحو اخضرار الشركات
*البحث عن بدائل للطاقة
*النقل بلا تلوث.
*مبيدات غير ملوثة.
*تشجيع التربية البيئية.
*لا بد من أخلاق بيئية تبحث في علاقة الإنسان بالأرض والحيوان والنباتات التي تنمو عليها.
*إحداث شرطة بيئية.
خير ما اختم به هو هذه الدرر المضيئة من أخلاق الإسلام في التعامل مع البيئة:
-قال الرسول صلى الله عليه وسلممثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ،فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ،فقالوا لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقا ،ولم نؤذ من فوقنا ،فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا،وان اخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)
-وصية أبي بكر لأسامة بن زيد حين وجهه إلى الشام (لا تخونوا ولا تغدروا ،ولا تقتلوا ،ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ،ولا تقطعوا شجرة مثمرة ،ولا تذبحوا شاة ولا بعيرا للأكل ،وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم من اجله.)