لمادااخترت مهنة التعليم؟

مرحبا بك أيها الجرس

هذه أرشيف من حياتي ...
مع معلمي الأول..
سأعرضها عليكم على شكل حلقات...

*****

بخفة الأطفال ؛ وفرحة الصبيان ؛وحركة الصغار؛...استيقظت هدا الصباح.. لم أتناول فطوري فرحة بالذهاب إلى المدرسة أول مرة... حملت محفظتي ثم خرجت من الداروالدنيا برحابتها لا تسع عيني ولا قدمي... طرقت باب جارنا والفرحة تغمرني... كيف لا ونحن سنتوجه كل يوم للتعلم كما كان أخي الأكبر يفعل حينما كنت دون سن التمدرس ... فيتركني لأملأ الدار بكاءإلى أن تحملني أمي بين دراعي حنانها قائلة ... غدا إن شاء الله تكبر فنشتري لك محفظة ... ثم تمسح دموعي بكلمات الرقة والحنان ... كلمات أمي كانت تزيدني اشتياقا أو بالأحرى توقد في نفسي نار الحنين إلى المدرسة إلى أن تعلق قلبي بها وأحببتها قبل أن ألج بابها ....
اليوم تفجر ذلك الحب وانفجر وكسر الزمن قيود الزمن وأصبحت في الطريق إلى المدرسة رفقة صديقي ابن الجيران الذي خرج من منزله بنفس الفرحة ونفس الا ستعداد لنتوجه إلى نفس البناية وكل منا يعبر عن شعوره وفرحته ونظرته إلى هذا العالم الجديد بحركاته وكلماته البسيطة في نظرة الراشد والمشتبكة الخيوط المعقدة البعيدة المدى عند تحليلها وفك رموزها ونحن على هذه الحالة إذا بطفل يكبرنا بسنتين أو ثلاث يتقدم ثلاثة من سنه في قمة نشوة لعبهم يرمون المارة من الأطفال وغيرهم بالحجارات وكلما أصابوا هدفا صاحوا ... هي ..وي..وقفت وابن الجيران بعيدين عنهم خوفا من أن نصبح هدفا من أهدافهم ومرمى من مراميهم ...بقينا نراقب من بعيد راجيين الخلاص من هؤلاء إلى أن شاهدنا شابا ظننا أول وهلة أنه سيكون كسابقيه من المارة .. لكنهم لرؤيته فروا فرار الطرائد ...
تابعنا طريقنا خلف هذا الشاب إلى أن ولج باب المدرسة وإذا بجماعة من الصبيان يتقدمون منه ...يلقون عليه التحية حينها أيقنت أنه معلم؛ فزال ذلك الخوف العارض بوجودنا داخل المدرسة ...وقفنا نراقب في دهشة نلاحظ التلاميذ الذين يجرون في أرجاء الساحة وجماعات المتحدثين والمتنازعين إلى أن جاء وقت الدخول الى قاعات الدرس ...دق الجرس فخفق قلبي وعلت فرحتي بالدخول إلى الفصل ...دق جرس المدرسة ؛وبعد قليل أقبل علينا معلم لا بالطويل القامة ولا بالقصير ينتعل حداء أسود ببذلة في لون الحذاء وقميص أبيض ؛بين يديه أوراق ... وقف أمام باب إحدى الحجرات الدراسية وبدأ ينادي على الصبيان الذين تحلقوا حوله في غير نظام ... كنا نتدافع للوصول أمامه... المعلم الذي رسمت له هيكلا في مخيلتي حسب تصوري ...
دخلنا القسم لأول مرة فأحسست بدخولي هذا أنني في أسعد وأعز أيامي؛ بل إنني ولدت اللحظة ؛ثم دخل المعلم ليجلس على مقعده .
نظرت إلى الخلف ثم إلى اليمين واليسار فزادت فرحتي أنني أجلس على مقعد بين التلاميذوأمام السبورة والمعلم ومع فرط فرحتي بهذا المكتسب ابتسمت ...
لقد ابتسمت ؛وياليتني لم أفعل ...لقد نظر إلي معلمي الأول بعكس نظرتي إليه ثم أشار إلي بأصبعه مقطبا جبينه فقمت من مكاني ومشيت إلى أن مثلت أمامه وبين يديه وأنا لازلت لاأعرف ماذا ينتظرني ...لقد صفعني على خدي ولا أبالغ إذا قلت :
حينها رأيت النجوم تتراقص أمام عيني. بعدها بثوان معدودات تحولت النجوم إلى ظلمة انقشعت فأردت على إثرها الفرار غير أنه لحق بي قبل أن أجتاز باب الفصل الدراسي فجذبني من أدني ،وقد كنت عصي الدمع ...
اسودت جدران الحجرة على بياضها في عيني بعدها أخذني من ناصيتي وسحبني من شعر رأسي بيده القاسية كما تسحب الخرفان من قرونها ، أما اليد الثانية فكانت جادة فب ضربي على أم رأسي وقفاي ،وكأنما أذنبت ذنبا أستحق عليه ما يستحقه المذنب من سنه .
جلست على مقعدي فاختلفت الجلسة هذه عن سابقتها ؛ في الأولى: كنت أطير من الفرحة والشوق يملأ كياني والثانية كاد قلبي ينفطر من الكمد والغيظ ...
نظرت إلى المعلم فوجدتني لا أطيقه ...
أطرقت برأسي وإذا بي أقفز على إثر صيحة قوية بصوته ؛ظننته أول وهلة يقصدني ، يريد معاقبتي ثانية؛ فقد أصبح عندي معه كل شيء وارد لكن عندما رفعت رأسي وجدت بين يديه أوراقا صغيرة وهو ينظر إلينا

*****

نلتقي غدا إن شاء الله مع متابعة الأرشيف... معلمي الأول

عدنا لمتابعة هذا الواقع .....

والقولتين ...

أطفالنا هدية الله إلينا

أطفالنا فوق كل اعتبار والمركب واحد

*****

بوجه عابس ،وجبين مقطب ...:
انتبهوا سأوزع عليكم هذه الأوراق...احتفظوا بها جميعا ...قدموها لآبائكم عند عودتكم إلى بيوتكم ...هكذا ... وكأنما هو دركي أمام مجرمين يعرض عليهم أنواع جرائمهم ؛وليس أمام صبية فارقوا أحضان أمهاتهم أول مرة ...
عصافير تحاول الطيران في عالم المعرفة والتحصيل ...
تكتشف عالما جديدا ...
بدأ يوزع وريقاته إلــى أن وصلني دوري فخاطبني بصوته المليء قساوة ...
ـــ إذا ضحكت مرة أخرى داخل القسم فإنك تنال من العقاب أقصاه ... أفهمت؟ .... بعد أن تلقيت سلسلة من أوامره وارتجفت أطرافي أومأت برأسي ...نعم فهمت ...في ذات اللحظة ؛كنت أطرح على نفسي سلسلة من التساؤلات ...ـ
لمادا صفعني معلمي الأول ؟
ــ ماذا فعلت
ما هو الذنب الذي اقترفته لأعنف بهذه الطريقة ؟
لم أجد حينها جوابا واحدا لأقتنع أن الصفعة كانت عقابا على فعل محرم ارتكبته ...
تابع توزيع وريقاته بعد أن ترك جسمي كله يرتجف من الخوف ؛وأخيرا عاد إلى كرسيه خلف مكتبه أمامنا بعد أن حكم علينا بالصمت الرهيب.
طالت جلستنا على هذه الحالة دون حركة ؛ لأن معلمي الأول جعل مني كبش فدا ء بالصفعة التي نلتها والتي أربكت كل حسابات أصدقائي الجدد ليركن هو إلى الراحة ويخيم الصمت الموحش على القسم ...الصمت الذي أسدل علينا ستائره ؛زاد معه خوفنا إلى أن دق الجرس ،معلنا فترة الاستراحة . حينها أمرنا بالخروج بعد أن أمرنا بالتزام الهدوء والوقوف أمام الفصل الدراسي هذا الأمر الذي كان مصحوبا بتهديدات ؛فخرجنا والخوف يلاحقنا ويتلف خلايا أعصابنا ...
وقفت مع الواقفين فدارت عيني دورانا استطلاعيا ، وجدتني بعدها محط أنظار زملائي التلاميذ ... كلهم ينظرون إلي وكأنما أحسوا في براءة طفولتهم بما عانيت من ظلم معلمي الأول إلا أنني لم أتحمل هذه الوقفة وتلك النظرات ... التفت ؛ فوجدت المعلم في حديث مع زملائه ...
الفرصة إذن مواتية ...
دخلت القاعة ...
حملت محفظتي؛ وانطلقت كنبلة لا تزيغ عن سبيل مرماها ، إلى أن وصلت باب المنزل الذي بدأت أطرقه بدون توقف والعبرات تسابق أنفاسي ...
والخوف من معلمي الأول يلاحقني ...
فتحت الوالدة الباب، فدخلت كفأر يرجو النجاة من مخالب قط جائع....
أقبلت علي والدتي لتعرف ما بي ؛فحكيت لها ما تعرضت له بتفصيل دون أن أغفل حركة إيمانا مني أن والدي لن يرض بهذا عند تلقيه الخبر ...
والدي البناء لم يقدر بدوره ما تعرضت له ؛وكان عذره أنه يريد لي التعلم، وأن طلب العلم لايتم إلا بواسطة العصا اعتمادا على ما شاع من المقولات المأثورة ...
اقتل وأنا أدفن ...
والدي بمجرد تلقيه الخبر ...

والدي ــ رحمه الله ــ
بمجرد تلقيه الخبر من والدتي بعد وجبة الغذاء ، حتى انهال علي :
شاتما، ثم حمل حزامه الجلدي ؛ وبه جلدني جلدا ؛فأمسك بيدي ولم يتوقف عن شتمي وضربي ــوالمارة من الرجال أبناء الحي من أصحابه بين مؤيد ومعارض للمشــــهد الذي أنا فيه ــ الى أن وصلنا المدرسة ــ وفي الحقيقة لم يعد في تلك اللحظة غضب معلمي الأول ولا نظراته التي أخافتني من قبل وارد ؛فما نلته من الوالد كان أشد وأكبر ...
لأول مرة يضربني والدي...
وصلنا المدرسة حيث قابلنا المعلم نفسه ؛لأسلم كما تسلم بضاعة رخيصة بين بائع ومشتر...
عند التسليم قال والدي رحمه الله :
اقتل وأ نا أدفن .. وإلا فأ ×برني - ألفقيه - ...
أجاب معلمي الأول مبتسما :
لا توصي يتيم على ابكاه ـــــ ألمعلم ـــ
نظرت إلى المعلم ثم إلى أبي، وقلبي منفطر ؛ فكرهت الدرس والدراسة ، والحرف والكتابة ، والناس أجمعين ،وتحولت من عصفور يعشق الطيران ، ويترقب الفرصة ؛ إلى عصفور مكسور الجناح ؛ وزال ذلك الحب وذلك العشق والحماس إلى أن كرهت الصباح لنوره ، وفرحت بالمساء لظلمته ، وإلى أن كرهت الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والسبت وأحببت الجمعة والأحد ــــ للإشارة ؛ وقتها كانت العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والأحد وهذا سر حبي لهما آنذاك ـــــــ حينها كرهت المعلم والسبورةوالطاولة والمحفظة وما تحفظه ، وبدأت أتمنى لوأن ذلك الزمان يعود حتى لا يسمح لي بالذهاب إلى المدرسة ؛فزالت الابتسامة وليتني حينها لم أكن عصي الدمع لأروح عن النفس مما أنا فيه قليلا......
لقد زالت الابتسامة من فمي ، وحلت محلها شحابة على وجهي ، وقلت حركاتي، وبدأت أركن إلى العزلة والابتعاد عن كل الناس ...
ليس خوفا منهم ، ولكنني كنت آنذاك أحتقرهم ...
أوكما كنت أتصور الأمر ...
أقف في الساحة وحدي ...
أجلس في البيت وحدي ، بعيدا عن إخوتي...
ولا من منتبه إلى ما أعانيه من اضطرابات نفسية وانفصال تدريجي عن المجتمع بما جمع ....
بل زاد والدي على هذا كله أن كلف أخي الذي يكبرني بسنتين ، بمراقبتي عند المراجعة والحفظ ؛فكان هذا الأخير


*****

*****

أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح

هههههه

السلام عليكم إخواني الأجراس
يقال الخاوة حدها الدنيا ...
لن أطيل عليكم وأتمنى أن تدخلوا معي طفولتي ...
طفولتي المليئة بالاشتياق إلى ابتسامة...
تلك الطفولة بحمولاتها :
أمدتني بالوسيلة
لأدخل عالم الطفل

من الطفل نفسه

وليس من المؤلفات والمجلدات
وعليه أقول:
من يريد أن يتعرف على الطفل
فليرجع إلى طفولته ومنها ينطلق لفهم باقي الأطفال


*****

.. لقد كان أخي هذا لا يهدأ له بال إلا إذا رآني باكيا على يد والدي بوشاية حادقة..حاقدة.. قضيت سنتي الأولى بين معلمي الأول ومكر أخي الطفولي البريء
- {وهنا أفتح قوسا : الطفل عندما يحس بامتلاكه قوة ما يفرط في استعمالها ، كما يتفنن في التحايل على الراشد انطلاقا منها ، وهذا يشكل أكبر عائق أمامه لسلوك مسارات سوية } -
قضيت سنتي الأولى بين معلمي الأول ومكر أخي الطفولي البريء وعقاب والدي في المنزل في صراعات نفسية إلى أن تحولت من عزيمة قوية وحب صادق وحيوية وانشراح وشيء من الدلال ؛ إلى بؤرة العقد النفسية الشيء الذي ترتبت عنه أحلام الخوف والمطاردة :
الحلم الذي غالبا ما ينتهي بالاختفاء في مكان قصد الاختفاء ؛ أو طرح البول ؛ فأستيقظ لأجد الفراش وملابسي وجسدي وكأنما أنا خارج من جب مقعور....
هكذا قضيت سنتي الأولى التي رسمت لها قبل السابعةأبهى وأجمل الصور والتخمينات ...
فرحت بالعطلة الصيفية والنجاح المقجوج ؛ من السنة الأؤلى الى الثانية ...
أيا ويح من طاح ف بير.... وصعاب عليه اطلوعو
{عبد الرحمن المجدوب }

لقد قضيت سنة ثانية


بنفس ضغوط السنة الأولى
ونفس الأحلام
ونفس الفراش...


ثم التصقت بالناجحين إلى القسم الثالث الذي اكتريته لمدة سنتين كاملتين لا تختلفان عن سابقتيهما وانتقلت إلى القسم الرابع دون أن يولي أي من المارة أية عناية رغم أن الأعراض بادية على مريض يئن ولا يسمع أنينه ويبكي بغير دموع ؛ ومما زاد الطين بلة :
أنه بعد قضاء شهرأكتوبر بكامله اكتشف المعلم أنني دون مستوى باقي التلاميذ، ليطلب من السيد المدير إعادة تسجيل اسمي بالمستوى الثالث... غير أن هذا الأخير رد عليه بالقول بعد أن طرح علي سؤاله :
ــ كم قضيت بالمستوى الثالث ؟...
وأجبته:
ـــ سنتين
لايمكن ارجاعه ، لأنه قضى سنتين كاملتين ...
لذا عامله كما تشاء ...
ثم التفت إلي يوبخني
ــــ بكل بساطة قالها أمامي دون مراعاة أي جانب من الجوانب التربوية أو النفسية ؛ ودون خوف على براءتي .... فبدل أن تدرس حالا تي وتخفيفا على اللسان :
ـــ عامله كما تشاء ـــ
فقضيت سنتين :


بنفس الضغط
ونفس الأحلام
ونفس الفراش



ثم انتقلت إلى المستوى الخامس من التعليم الابتدائي ؛منهوك القوى
لا أطيق سماع كلمة - المدرسة -
أحمل المحفظة على مضد
أراجع دروسي منتظرا العقاب الذي ألفته ...
وقضيت سنتين كاملتين؛
لم أوفق خلالهما في اجتياز امتحان الالتحاق بالتعليم الثانوي الاعدادي... ففرحت .... بل لم أشعر بتلك الفرحة منذ أن صفعني معلمي الأول وقلب حياتي رأسا على عقب ...
فرحتي هذه المرة
لم تكن إلا لأنني سأغادر المدرسة وأبتعد عن الدرس وترسبات أياديه .
أقبلت العطلة الصيفية ، فدحرجت خلالها الكرة كما شئت، وانضممت إلى فريق الحي ... وبدأنا نجري لقاءات ودية فأحببت اللعبة وبدأت أحاول إثقانها إلى أن سرقت مني العطلة بكاملها
لا أعرف للراحة طعما
كما لاأعرف للكرة وقتا
وانتهت العطلة ...
اتصل الوالد بالسيد مدير المدرسة ، في محاولة منه لأثلث السنة الخامسة من التعليم الابتدائي ، وحصل على الموافقة الادارية حينها واجهت والدي :
أنني أرفض المدرسة والمدرسين ... فعوقبت من قبل والدي وكان إصراري حاسما أن لا عودة إليها كي أنجو من عقاب المعلم ومراقبة أخي ومكره... وانتصرت لقراري ...
مرت الأيام والمدرسة فاتحة أبوابها للمتعطشين الراغبين في الارتواء من صبيب علومها إلى أن مر شهر أكتوبر بكامله وأيام من نونبر فالتقى والدي رحمه الله معلما يسكن حينا ، فنبشا جزء من مشكلتي واتفقا في غيابي ودون استشارتي على أن يعيداني لمتابعة دروسي ثانية بالمستوى الخامس ابتدائي
لقد كان هذا المعلم معروفا باسمه العائلي ولحد الساعة ، لا أعرف اسمه الشخصي ...
لقد كان معروفا كذلك بنتائج متعلميه الموفقة ...


*****

*****


اللحظة حضر الأستاذ


و سنحاول استضافته


فتحية لكل أستاذ


فاعل في الحقل التربوي


نابش في منابع التربية



*****

وأنا متوجه إلى الدار ؛
قابلته واقفا
وكأنما ينتظر أحدا ؛
ناداني باسمي ...
نظرت إليه ؛ ثم تقدمت منه ، سلمت عليه ...
سألني :
ــ مادا تفعل ؟
قلت :
ـــ لاشيء مهم...
ثم أردف:
ـــ ولماذا ترفض العودة إلى المدرسة ؟
أجبت ، وأنا أحس إحساسا متمكنا أنني حر طليق وأن لاسلطة أحد تقيدني :
ـــ لقد كرهت المدرسة والمدرسين، وحتى الحديث عنهما ؛
لايمكن أن أقابلهما بأي وجه من الوجوه مرة أخرى بعد أن ارتحت من أوجاعهما ...
قاطعني بابتسامة وقول :
ــ لمادا ؟
أجبت :
لأن المعلمين لا يعرفون لغة غير لغة العصا والعقاب بجميع أنواعه :
الضرب ...
الشتم ...
الركل ...
مادا يظنوننا ؟
وبعد حوار طويل بيننا ،
قال :
ــ إنني مستعد لاستقبالك عندي في القسم ؛ وإنني أعدك أنني لن أكلمك إذا شئت ؛ كما أنني سأوصي السيد ...... معلم اللغة العربية بذلك ؛ المهم ألا تترك هذه الفرصة لتضيع منك ، فتندم حيث لا ينفع الندم ؛
لحظتها قرأت في وجهه ، ومن خلال عينيه - { للاشارة مثل هذه القراءة اكتسبتها من خلال الأيام الخوالي حينما كنت أتطلع إلى الوجوه وأنا محتار متسائل عن أسباب ظلم الظالمين } -
لقد قرأت من خلال وجهه ، ومن خلال عينيه ، وأسلوبه الرزين: تأثره البالغ البليغ ، ورغبته الأكيدة ، في أن أحاول معاودة مسايرة الركب من جديد ، فكان الحوار ، وكان الأخذ والعطاء ، وتبادل الرأي ، فوافقت . ولحد الساعة ، بل وما دمت حيا أذكر وأبقى ذاكرا هذا المعلم الذي خفف عني حمل ما حملته عن المعلم في السنوات العجاف الخالية : تلك التي عبرت من خلالها القناطر المقنطرة ؛علقا بالنجاح عن طريق الأقدمية ، بعد أن:
أطفئ مصباحي الوهاج
وأحلت إلى من أفسد الود بيني وبين معشوقتي
وأحالني على غرفة الإنعاش
في عنبر مقفهر
في الغد قصدت المدرسة والركبتان تتذكران الذكريات الفارطة
والهواجس تجس نبض قراري
فقابلني بالابتسامة وأخذت من جديد مقعدي في حين دخل المعلم :
معلم اللغة العربية وقال مازحا ومشجعا...{{ كان صو ته جوهريا متميزا }} :
ـــ مرحبا بك بين أصدقائك ؛لن أوصيك عن العمل والجد والمثابرة لأنني لمست فيك علامات التلميذالمجد ...
ثم التفت إلى السيد معلم اللغة الفرنسية وكأنما يخصه بالقول :
ـــ أليس كذلك ؟ليجيبه الآخر متمما لعملية المسح بالحوار :
ـــ وأكثر من هذا أن له رغبة ملحة في الدراسة ؛ لذا ؛ وكما قلت لك آنفا لا داعي لمعاقبته أو تعنيفه عند الخطأ
تابعت حوارهما ولمست قصدهما فلم أبين ما توصلت إليه من الأهداف التي يرميان إليها ، غير أني أحسست مع ذلك أن علاقة ما أو رابطة تربطني بهما
وبدأت أتعلق بهما ، فأصبحت أتابع كل كلمة حتى لا أخيب أملهما في نجاحي
ومن تم وأنا أكد وأجد وأبحث وأعمل ؛ محاولا مسح الفوائت وإزاحة الرواسب مرت الأسابيع ؛ فزارنا في فصل اللغة العربية معلم اللغة الفرنسية ؛ وعلى عاد ته هذه المرة جاء دوري ... فسأل هذا الأخير الأول ، قائلا:
إلى أين وصل رشيد؟
وبالعبارة نفسها ؛
وبصوته الجوهري المليح
بعد اشراقة على وجهه
أجاب السيد معلم اللغة العربية :


في غاية الروعة

في غاية الروعة



خفق قلبي لسماعها
أردف الآخر وفي الرياضيات أيضا أما ما يخص مواد اللغة الفرنسية فهو في حاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهد ؛لكن ؛لا بأس به على العموم


{{ والواقع أنه لا يجمعني باللغة الفرنسية رابط
لا من قريب ولا من بعيد رغم محاولاتي}}



ما أجمل الكلمة
وما أقوى تأثيرها في النفوس
وما أقربها إلى الرفع من معنوية الانسان
خصوصا إذا اختيرت في محلها
مع اختيار زمان وكيفية صياغتها
فهي إما أن تكون رحمة وسكينة
أو أن تكون جحيما وعذابا أليما .....


** في غاية الروعة ***



ثلاث كلمات :
حرف جر واسمان لا غير


***في غاية الروعة ***


عملت عمل طبيب نفساني متمرس ...
مدرك وظيفته جيدا
بفحوصه
وأجهزته
و تنو يمه المغناطيسي
وملفاته
وأسئلته باستفساراته
ووصفاته الطبية ...
ثلاث كلمات لاغير ؛
غيرت مجرى الأحداث ...
كانت دواء مسكنا لبعض الآلام القديمة
وضمادا لجروح عميقة مزمنة من وجي المر بين ...
هذه العبارة

***في غاية الروعة ***


{ لاحظوا معي كيف هي عميقة }
خصوصا أمام أصدقائي التلاميذ
ونفسية منهكة
وصوت جريح
فلقد اعتبرتها بعقلية آنذ اك ردا للاعتبار ...
ثلاث كلمات لازلت لحد الساعة أتأثر بوقعها عندما أرددها ..
ثلاث كلمات
جعلتني أحس من جديد بوجودي ...
وبدأت أستعد من جديد لفجر جديد


*****

أرشيف من ذاكرتي ....

في الثانوي الإعداد

هذه المرحلة من حياة الطفولة المتوسطة
تتميز بمجموعة من الحركات العفوية
والسلوكات البريئة
مهما كانت
الحركة
وكيفما كان السلوك
والمربي عند الحركات السلوكية
لهذه المرحلة ؛هنا يبدأ دوره لتقويمها
بعد متابعتها وملاحقـتها بالدراسة والتحليل
لا بالهيجان والغضب بطرق تجعل الطفل في مأمن من نتائجها السلبية
لأن المراهقة في الأصل
يجب أن توضع في طابعها الطبيعي
إنها فترة تفجير المخزونات
والوسيلة الأقرب إلى الاقتراب أكثر من المراهق
هي تلك السلوك الصادرة عن المراهق
والتي تبدو للراشد
-{ المربي } –
شغبا...


في الثانوي الإعدادي :


مرت العطلة الصيفية
بأفراحها ومسراتها
ومرحها ومساعدة الوالد البناء
- في البناء –
فأقبل العام الدراسي الجديد
وبدأت الحركة في المدينة
الدينية العتيقة بما في التسميات من معان
بدأت الحركة من جديد في العاصمة الإدريسية
- زرهون -...
بدأت أطل على المدرسة الا بتدائية من بعيد
محاولا نسيان مامررت به وما قطعت من المراحل
لتتجدد معها تلك الذكريات السوداء
ولينتهي بي التفكير إلى السيد :
صاحب الفضل الأكبر
وزميله
صانع الاستمرارية وفتح باب الأمل في متابعة الدراسة
كل واحد منهما يذكرني بصاحبه
وبفضله علي
والفضل لله عز وجل :
فالأول جددالثقة رغم فوات الأوان أو يكاد
والثاني ضمد بعض الجراح
ليشكلا معا فريقا طبيا
وسلسلة من التعامل البناء والهادف إلى ترميم نفس طفل دمرتها أياد بهدف التربية
لكن برياح لا تشتهيها سفينتي .
الكل في مناقشة
سواء في الشارع أو البيت :
الآباء يفكرون في اللوازم المدرسية
وما يلزم الدخول المدرسي
من ملابس وحاجات متتالية ...
والأطفال منشغلون داخل فرحة نجاحهم أو رسوبهم ...
لقد تغيرت ملامح الشارع
وحوار الأصدقاء والجيران
الكل في الدخول المدرسي منغمس ...
فتحت المدرسة أبوابها قصد إجراءات التسجيل أو إعادة التسجيل
فعَلَت الفرحةُ
وكثرت حركات التلاميذ
وتمت تلك الإجراءات الأولية في أحسن الظروف
وتعرف كل منا على فصله الدراسي وترتيبه ؛
وعدنا إلى منازلنا سالمين والحمد لله ...
في اليوم المحدد من قبل الإدارة للدخول المدرسي الرسمي ؛
توجهت إلى المدرسة الثانوية الإعداديةفي فرحة الجائع المقبل على الطعام ...
دخلنا فصولنا قصد التعرف على أساتذتنا
وإذا بي أفاجأ بالمعلم الذي أراد أن يعيدني إلى القسم الثالث بالمدرسة الابتدائية
يقتحم باب القسم قائلا :
السلام عليكم ...
فوجئت به ؛
وأنا الذي لاأطيق سماع أصواتهم
تساءلت :
ماذا يفعل هذا هنا ؟...
والواقع أن دخوله هذا قد صدمني
وأرجعني إلى مرحلة أيام زمان ...
أهو أستاذ اللغة العربية ؟ ...
تغيرت أحوالي ...
فهذا أكرهه
اسمعوا هذه جيدا أيها المربون

فهذا أكرهه


*****

وأنا متوجه إلى الدار ؛
قابلته واقفا
وكأنما ينتظر أحدا ؛
ناداني باسمي ...
نظرت إليه ؛ ثم تقدمت منه ، سلمت عليه ...
سألني :
ــ مادا تفعل ؟
قلت :
ـــ لاشيء مهم...
ثم أردف:
ـــ ولماذا ترفض العودة إلى المدرسة ؟
أجبت ، وأنا أحس إحساسا متمكنا أنني حر طليق وأن لاسلطة أحد تقيدني :
ـــ لقد كرهت المدرسة والمدرسين، وحتى الحديث عنهما ؛
لايمكن أن أقابلهما بأي وجه من الوجوه مرة أخرى بعد أن ارتحت من أوجاعهما ...
قاطعني بابتسامة وقول :
ــ لمادا ؟
أجبت :
لأن المعلمين لا يعرفون لغة غير لغة العصا والعقاب بجميع أنواعه :
الضرب ...
الشتم ...
الركل ...
مادا يظنوننا ؟
وبعد حوار طويل بيننا ،
قال :
ــ إنني مستعد لاستقبالك عندي في القسم ؛ وإنني أعدك أنني لن أكلمك إذا شئت ؛ كما أنني سأوصي السيد ...... معلم اللغة العربية بذلك ؛ المهم ألا تترك هذه الفرصة لتضيع منك ، فتندم حيث لا ينفع الندم ؛
لحظتها قرأت في وجهه ، ومن خلال عينيه - { للاشارة مثل هذه القراءة اكتسبتها من خلال الأيام الخوالي حينما كنت أتطلع إلى الوجوه وأنا محتار متسائل عن أسباب ظلم الظالمين } -
لقد قرأت من خلال وجهه ، ومن خلال عينيه ، وأسلوبه الرزين: تأثره البالغ البليغ ، ورغبته الأكيدة ، في أن أحاول معاودة مسايرة الركب من جديد ، فكان الحوار ، وكان الأخذ والعطاء ، وتبادل الرأي ، فوافقت . ولحد الساعة ، بل وما دمت حيا أذكر وأبقى ذاكرا هذا المعلم الذي خفف عني حمل ما حملته عن المعلم في السنوات العجاف الخالية : تلك التي عبرت من خلالها القناطر المقنطرة ؛علقا بالنجاح عن طريق الأقدمية ، بعد أن:
أطفئ مصباحي الوهاج
وأحلت إلى من أفسد الود بيني وبين معشوقتي
وأحالني على غرفة الإنعاش
في عنبر مقفهر
في الغد قصدت المدرسة والركبتان تتذكران الذكريات الفارطة
والهواجس تجس نبض قراري
فقابلني بالابتسامة وأخذت من جديد مقعدي في حين دخل المعلم :
معلم اللغة العربية وقال مازحا ومشجعا...{{ كان صو ته جوهريا متميزا }} :
ـــ مرحبا بك بين أصدقائك ؛لن أوصيك عن العمل والجد والمثابرة لأنني لمست فيك علامات التلميذالمجد ...
ثم التفت إلى السيد معلم اللغة الفرنسية وكأنما يخصه بالقول :
ـــ أليس كذلك ؟ليجيبه الآخر متمما لعملية المسح بالحوار :
ـــ وأكثر من هذا أن له رغبة ملحة في الدراسة ؛ لذا ؛ وكما قلت لك آنفا لا داعي لمعاقبته أو تعنيفه عند الخطأ
تابعت حوارهما ولمست قصدهما فلم أبين ما توصلت إليه من الأهداف التي يرميان إليها ، غير أني أحسست مع ذلك أن علاقة ما أو رابطة تربطني بهما
وبدأت أتعلق بهما ، فأصبحت أتابع كل كلمة حتى لا أخيب أملهما في نجاحي
ومن تم وأنا أكد وأجد وأبحث وأعمل ؛ محاولا مسح الفوائت وإزاحة الرواسب مرت الأسابيع ؛ فزارنا في فصل اللغة العربية معلم اللغة الفرنسية ؛ وعلى عاد ته هذه المرة جاء دوري ... فسأل هذا الأخير الأول ، قائلا:
إلى أين وصل رشيد؟
وبالعبارة نفسها ؛
وبصوته الجوهري المليح
بعد اشراقة على وجهه
أجاب السيد معلم اللغة العربية :


في غاية الروعة



خفق قلبي لسماعها
أردف الآخر وفي الرياضيات أيضا أما ما يخص مواد اللغة الفرنسية فهو في حاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهد ؛لكن ؛لا بأس به على العموم


{{ والواقع أنه لا يجمعني باللغة الفرنسية رابط
لا من قريب ولا من بعيد رغم محاولاتي}}



ما أجمل الكلمة
وما أقوى تأثيرها في النفوس
وما أقربها إلى الرفع من معنوية الانسان
خصوصا إذا اختيرت في محلها
مع اختيار زمان وكيفية صياغتها
فهي إما أن تكون رحمة وسكينة
أو أن تكون جحيما وعذابا أليما .....


** في غاية الروعة ***



ثلاث كلمات :
حرف جر واسمان لا غير


***في غاية الروعة ***


عملت عمل طبيب نفساني متمرس ...
مدرك وظيفته جيدا
بفحوصه
وأجهزته
و تنو يمه المغناطيسي
وملفاته
وأسئلته باستفساراته
ووصفاته الطبية ...
ثلاث كلمات لاغير ؛
غيرت مجرى الأحداث ...
كانت دواء مسكنا لبعض الآلام القديمة
وضمادا لجروح عميقة مزمنة من وجي المر بين ...
هذه العبارة

***في غاية الروعة ***


{ لاحظوا معي كيف هي عميقة }
خصوصا أمام أصدقائي التلاميذ
ونفسية منهكة
وصوت جريح
فلقد اعتبرتها بعقلية آنذ اك ردا للاعتبار ...
ثلاث كلمات لازلت لحد الساعة أتأثر بوقعها عندما أرددها ..
ثلاث كلمات
جعلتني أحس من جديد بوجودي ...
وبدأت أستعد من جديد لفجر جديد


*****


تصبحون على ألف خير
يا من فتحتم لي صدوركم
وعقولكم إلى اللقاء غدا إن شاء الله تعالى
وأترككم مع قوله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون
صدق الله العظيم




هكذا يقولها كل طفل مر من مراحل صعبة مع أي مرب
هاهو الطفل قد بدأ يصدر أحكامه فأين أنتم من هذا التقييم الطفولي البريء

*****
إنه صاحب المسطرة الحديدية ...
صاحب العقاب دون رحمة ولا شفقة بدعوى التربية
ــ والعصا خرجت من الجنة ـــ
ذلك الذي كانت مسطرته تعشقني
فتزور يدي ورجلي يوميا أيام مرحلة الدراسة الابتدائية بالمستوى الرابع ...
تقدم إلى أن جلس على كرسي
وبدأ يوجه نصائحه بتهديدات :
فذكر
المجلس التأذيبي
والطرد من المدرسة لمدد مختلفة
بدء بثلاثة أيام ثم فخمسة عشر يوما ....
كانت نصائحه تهديدات
وابتسامته جبينا مقطبا
ولغته تسويفا ...
قضينا الساعتين معه في دردشة مملة إلى أن دق الجرس معلنا فترة الاستراحة ...
في الساحة
التقيت بعض الأصدقاء
من مختلف المستويات الدراسية
وهم في غالبيتهم أبناء الحي ...
وقفنا نتجاذب أطراف الحديث إلى أن سألني أحدهم عن أول أستاذ استضافنا
– بلغة الأطفال -
ودون تفكير في الجواب قلت :
أعوذ بالله ؛
إنه السيد فلان ...
سأل آخر :
المعلم ؟؟
قلت :
نعم .
رد ثالث :
لقد التحق بالتعليم الثانوي الإعدادي
عند بداية السنة الفارطة .
قلت في حيرة :
وماذا عن المسطرة الحديدية و- الفلاقة - ؟
قد يواجه معي هذه السنة متاعب لا أول ولا آخر لها ؛
لأن فترة الصبا قد ولت
والطفل الذي بسط يديه ورجليه للعقاب بالأمس
ليس هو هذا اليوم ...
ما يؤلمني أن لي رغبة ملحة في الدراسة وهذا الأ...
قاطعني بقوله :
هنا تتغير المعاملة :
الأستاذ إذا أراد معاقبة أي تلميذ
يقدم به شكاية مكتوبة أو شفوية
إلى الحارس العام أو المدير
يقترح فيها معاقبة المخطئ
فتقوم الإدارة باستدعائه إلى المدرسة
يوم العطلة الأسبوعية ...
سألته الجمعة أم الأحد ؟
أجاب يوم الجمعة
سألته :
هل يحبس في المدرسة يوما كاملا ؟
أجاب مبتسما :
أولا
فهو لا يحبس بالمعنى الحرفي للكلمة بدون عمل ؛
فالأستاذ في شكواه يعين للإدارة مادة من المواد التي يجب على التلميذ إعدادها خلال الفترة ؛
هذا من جهة
ومن جهة أخرى
فإن مدة العقاب ساعة أو ساعتان بعد الزوال ؛
وإذا تمادى في ارتكاب الأخطاء
يوجه باستدعاء إلى المجلس التأديبي قصد البث في سلوكه ونوع العقاب بما يوازي ما قام به ....

ـــــــــــــ


يتبع إن شاء الله


ـــــــــ

...وهكذا إلى أن قاطع الجرس حديثنا معلنا العودة إلى الفصل
دخلت الفصل الدراسي رفقة أصدقائي الجدد والقلب يهتز لنبضاته التي على غير سابقاتها ... قفص صدري من شدة ما بدأت أفكر فيه من عقاب وتأديب ؛ بتعنيف وما أطرحه من تساؤلات والتي لم أجدلها في لحظتها جوابا يشفي معاناتي بعد الأمل الذي عشته صيفا بكامله ..وبمرور الساعات توافد علينا أساتذة الواحد بعد الآخر غربيين ومغارة وكل بطريقته يخاطبنا فهذا بتهديداته يريد ضبط سلوكنا والآخر بابتسامته وكلامه المقبول يحاول كسب حبنا وتقريبنا منه أكثر وثالث بنظراته العابسة ورابع بطلعته المشرقة وخامس بصمته الرهيب

مر اليوم الأول والثاني والثلث والأسابيع ومرت معها تلك المخاوف والهواجس وعدت لنشاطي وحركاتي راجيا الوقوف مع الواقفين في المقدمة محاولا الجلوس في مراكز الصادرة وجاء اليوم الذي من خلاله حولني الزمن من خزان للحبوب الغذائية إلى بركان مشتعل في وجه من هب ودب ثم إلى مشاغب داخل القسم حين التقت أسباب من الماضي الأليم ومرور ابن أستاذ اللغة العربية فوق الطاولات بطريقة طفولية وشغبها متحديا كل رفاقه التلاميذ .. لقد صبر الكل أو بالأحرى خاف الكل لأن هذا ابن الأستاذ لكن ما كنت أحمله من سلوك والده حين المدرسة الابتدائية دفع بي أن أنتقم منه عن طريق ابنه والفرصة مواتية . لم تكن هذه أول مرة يقوم بهذه العملية؛ لقد سبقته إلى مقعدي الذي جلست عليه وبقيت أراقبه إلى أن وضع رجله على منضدة الطاولة أمامي وحاول المرور فجذبته من رجله الثانية ليفقد توازنه ويسقط دون أن تخلف هذه العملية أية خدوش .. ضحكت شافيا غليلي من هذا الذي قام من على الطاولة والتفتت إلي قائلا :
ماذا فعلت ؟
قلت:
لاشيء سوى أنني ضحكت معك: أعني مازحتك على طريقة والدك ..لا تقلق سيأتي والدك . ..وقل له ما تشاء .لكن أعلم أننا سنلتقي خارج المدرسة . كان هذا تهديدا مني ليس خوفا من والده وإنما ليحس الوالد الأستاذ قيمة التهديد ..في الغد ..دخلت القسم فدخل ابن الأستاذ مع زملائه التلاميذ دون قفز ولا تسلط وبعد أن وصل الأب الأستاذ مكتبه نظر إلي طويلا أطرقت برأسي ثم نظرت إلى ابنه الذي وجدته مطأطئ الرأس هو الأخر... نزع الأستاذ نظارتيه ناداني باسمي . أجبته .قال وكأنما يستهزئ بي :
ظننتك غائبا وليتك كنت كذلك
قلت :
{وقد تحولت سلوكي إلى العصيان ولا احترام :بعد أن كنت موقنا أن الحق بجانبي وأن ابنه هو البادئ بالشغب}:
لماذا يا أستاذ؟
ثم أدرت رأسي قليلا وضحكت . فتذكرت سيطرته الأولى بمسطرته الحديدية فحاولت الانتقام ولو بالضحك علما مني أن المعلم عدو الضحك .. لكنه بادرني بالقول :وكأنما هو في الشارع أو الزقاق غاضبا :
(شوف أولد دكدوك أنا ندكدكك ) أي : انتبه يا ابن دكدوك سأهشم عظامك
قلت متهكما :
إني أنظر إليك يا أستاذ
سألني:
لماذا أسقطت (فلان ) - (يعني ابنه) – على الطاولة؟.
قلت :
الحمد لله أن أسقطته على الطاولة وليس على الأرض .
- رد :
وتحمد الله على فعلتك السوداء تلك؟ ! قلت وكأنما فعلت فعلة مستحسنة... بغرور:
لأنني لو أسقطته على الأرض لكنت المعتدي الظالم ولكنني بإسقاطه على الطاولة برهنت عن تصرفاته التي لا تنم عن احترامه لنا كأصدقاء له بمروره فوق طاولاتنا
{ والتفت إلى ابنه ثم أطلت النظر إليه متعمدا قاصدا إزعاجه إلى أن ناداني أستاذي بقوله} :
لماذا تنظر إليه ؟
قلت :
لا لشيء إنما ...
قاطعني بقوله بعد أن تأكد من صدق كلامي :
- اجلس ...كلما أرجوه منكم هو عدم العودة إلى مثل هذه الاصطدامات .
فضحكت وضحك كل التلاميذ وتحول القسم إلى شبه معرض للأزياء الضاحكة...
نطق:
الصمت...
ثم أضاف
لماذا تضحكون ؟أفي الأمر ما يضحك؟وفي الحين توجه إلي بالقول أما أنت فاي معك حساب قد لا يعجبك..جلست مكاني

بعد أن علت القسم ضحكة اتحد فيها كل التلاميذ ؛
غضب السيد الأستاذ.قام من على كرسيه توجه إلى السبورة. عاد إلى أن جلس على مقعده وضع نظارته ثم فتح محفظته وصاح :
أخرجوا كتب القراءة .ثم أخذ كتابامن محفظته وضعه أمامه ثم وضع المحفظة على جانب المكتب مسودة على الحائط وأخذ طبشورة بيضاء فكتب على السبورة عنوان القطعة المراد دراستها خلال هذه الحصة ورقم الصفحة وعاد إلى مقعده سالما فبدأت أحدث صوتا كلما قام الأستاذ بحركة لقد اغتنمت الفرصة محاولا إزعاجه فبدأ يطرح سؤالا مرة بعد مرة :من الذي أحدث هذا الصوت ؟غير أن أسئلته واستفساراته باءت كلها بالفشل دون أجوبة ..الكل يضحك و الأستاذ في حنق وقلق شديد ينزع النظارتين يمرر أصبعه على جفنيه يضع النظارتين من جديد على عينيه ...يقرأ النص عند الانتهاء رفعنا أصابعنا للقراءة الفردية غير أن المشار إليه من قبل الأستاذ كان ابنه على العادة .قرأ الابن ثم بنت أخيه وكان كتبيا وبعدما ما طابت نفسه إلى ذكر سمائهم من سكان حيه وأبناء الأعيان... إلى أن دق الجرس معلنا نهاية الحصة فلم نستأذنه في الخروج بل جمعنا أداوتنا وبسرعة خرجت خارج باب المؤسسة منتظرا المدلل صاحبي وابن أستاذي ثم وقفت لا تستقر عيني على شيء سوى مراقبة الخارجين من المدرسة بحثا بغيتي ولحظة رأيته إلى جانب والده فتواريت عن أنظارهم خرج من الباب وأنا أراقبه أطل برأسه التفت يمينا ويسارا وكأنما يبحث عن شيء مفقود وعندما تأكد من عدم وجود فارق أباه الذي رافق في الطريق أستاذ مادة (الاجتماعيات) التاريخ والجغرافية فتبعت صاحبي في خفاء أترصده إلى أن ابتعد عن أبيه حينها واجهته ركلته على إسته برجله اليمنى قائلا :عد إلى والدك ثانية وأخبره بهذا التفت إلي وبدأ يقسم أن التي أخبرت والده بالتفاصيل عن الحادث هي بنت عمه .تركته ورجعت قافلا إلى بيتي وإذا بها قادمة نحكي لصديقاتها نفس الحكاية وهن يعبن عليها فعلتها تقدمت منها بالقول : إن فضولك هذا لا يدفع بك إلا إلى ما تعرض له مني ابن عمك عفو ابن أستاذنا.. أنت تعلمين حينما أغضب .. تعلمين أنني لا أقبل هذه الحركات..أحسست أن التلميذة أصابها ذعر. فرق قلبي وتركتها بعد أن خاطبتها بالقول :إنك فتاة ولا أرضى أن أمد يدي عليك ...فزادت الأيام كبريائي وتعنتي وعدم احترامي لجل أساتذتي إلا الذين في معاملتهم رقة ولين فكنت أحترمهم وأدعو رفاقي لاحترامهم وبقيت على هذه الحال دون الالتفات إلى أن لليوم غد وأن لكل فارس كبوة ...
مرت الأيام وتطاولت مع مرورها إلى أن جاء دوري حينما دخلنا القسم ودخل أستاذ اللغة الفرنسية وبدأنا في حوار سائق السيارة في درس من دروس التعبير الشفوي باللغة الفرنسية فتذكر الأستاذ شيئا ...اغتنمت فرصة خروجه فوقفت على الطاولة خطيبا حينها قام أحد التلاميذ من سكان المقاعد الخلفية وكان الأقوى بنية قائلا :اصمت ...سألته:لماذا؟ أيهمك صمتي؟

تعليقات

أبيت إلا أن أقول لك أخي الجرس:

إن مهنة التعليم عندي أخي الكريم
ليست في حد ذاتها مصدرا للرزق وإنما هي ....
مهنة التعليم عندي ***مثل سهم قد رماني
وحبها عندي لاأعرف سره
كلما أعرف
هو أن أثبت لذاتي
وأقنع نفسي:
أن الطفل براءة من الله
يجب الأخذ بيده ولذلك أقيم الدنيا ولا أقعدها إذا ما أصيب طفلي بتعنيف ما
لست أدري لماذا ؟
ألأنني لا أمتلك الوسائل كلها لإسعاده
ألأني لا زلت أتمتع بسن الطفولة وأنا في هذه السن المتقدمة ؟
أم ...ماذا ؟



إن رأسي
قد اشتعل شيبا
ووهن العظم مني
وبلغت من السن عتيا
ولا زلت أشعر أنني
ما خرجت بعد من طفولتي
أما من حيث ما أعرضه على كل الأجراس
فهو خلاصة ليس إلا؛لما مررت به طيلة حياتي الدراسية ، إلى أن أحببت مهنة التعليم
وقد قضيت بها إلى متم سنتنا هذه { 29} تسعا وعشرين سنة


أتنقل كالسقاء

من إقليم إلى آخر

برغبتي
وللمزيد من التعريف بي
سأعطي خلال سردي للأحداث
كل مرة تعريفا عني إن شاء الله

*****


وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم .
صدق الله العظيم
عدنا إن شاء الله وعاد معنا فصل آخر من حياتي .
للآشارة :
فالأحداث هذه دارت
بمدينة المولى ادريس زرهون
حيث إنني من أب أوربي زرهوني
وهي تعتبر مقدمة جبال الريف
وتبعد عن مدينة وليلي ب 3 كم و400 م
على الطريق الرابطة بين
مكناس وسيدي قاسم
وأم مكناسية من أصل صحراوي من تافلالت
وقد استوطن أجدادها مدينة مكناس
منذ القدم بل من الأوائل
وهذا حديث آخر
أما ما أحكيه الآن في هذه الكلمة فإنما هو تجربة حقيقية ، مررت بها ، بكل قسوتها ، وكل مرارتها ؛ وإنني لاأحكيها هنا من أجل العرض فقط ؛ وإنما ؛ لتكون كما أرجو :
درسا لمعاناة كل طفل تدوسه الأقدام

بجهالة


ودون اعتبار لتواجده
كقيمة إنسانية
وعملة ناذرة
وأصل من أصول استمرارية الحياة
وذرة نور
قد تنير العالم إذا ما أشعت أشعته في هذه الحياة
لذا
فإن ما تقرؤونه هنا
هو نابع من أصل وليس من حكاية
من واقع وليس من رواية
من منبع وليس من مجرى
وعلى المهتمين التربويين التروي فيه وبين سطوره وخلف كلماته
للدرس والتحليل
فهذا الحق أتركه لهم وحدهم فقط
كل ما أرجوه من ورائها
أن ينتبه المربون من آباء وأساتذة ومحيط
إلى أن الحوار هو الأجدى وأن ما نرفسه اليوم جهلا أو تجاهلا قد يكون في المستقبل كما يقول أحد الأعوان بإحدى المدارس التي عملت بها عند جوابه عن استفسار ما من طرف أحد الأساتذة :
ربنا يعلم
أما فيما يخص الرواية فإنني سأوفق من خلالها
بين الواقع المعاش والخيال تحت عنوان

ــــ اليخت ــــ

وسأحاول التوفيق بين
1 ــ لمادا اخترت مهنة التعليم ؟
و
2 ــ اليخت
وإلى ذلك الحين
أستودعكم الله والسلام عليكم

أما المعلم ابن الحي
فلم يأت اليوم وقد وعدني وأعدكم بحضوره غدا
لنستعرض الأحداث معا إن شاء الله
قلت معلمي ابن الحي ولأقرب أعزائي
مني ومدينة نشأتى
فإن الحي يسمى حي خيبر زنقة الخطاطبة
أنتم ترون أنني أحكي لكم عمقا من حياتي

و ماأحكيه حقيقة
لقد دكرت مسقط رأسي ومعه بعضا من حياتي ووعدتكم بأن أعرفكم بي لقد ازددت بمكناس وبعد انتقال والدي الى مدينة المولى ادريس الأكبر بزرهون نشأت بها وكما أسلفت أحب بل أعشق الرحلات وخصوصا المشي على الأقدام لمسافات تطول وتقصر حسب ظروف الرحلة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأول مرة داخل القسم ؛أحسست ذلك الوجود الحقيقي الذي لم أحسه من قبل سوى لدقائق معدودات قبل خشونة معلمي الأول وبدون إرادتي ابتسمت ؛فتذكرت أن المعلمين أعداء الابتسامة وعدت لطبيعتي وقلبي في فرحة لانظير لها . ؛ قضيت ذلك الما بعد الزوال أنتظر بلهفة بالغة رنين الجرس لأزف البشرى لوالدتي التي عاشت حياتي الدراسية تقاسي في صمت لما كنت أعانيه ؛وبالفعل كان تصوري في محله وكانت فرحة أمي أكبر لكن والدي لم تكتمل فرحته إلا بعد لقاء بمعلمي صاحب الفضل الأكبر بعد مشيئة الله عز وجل ... معلمي هدا الذي أكن له ولأمثاله كل التقدير والاحترام وتتالت الشهور فزاد معها الحماس وتضاعفت المجهودات وزال دلك الخوف الرهيب فاستقر معه نومي ويبس فراشي وكللت هده السنة بنيلي شهادة دروس التعليم الابتدائي والالتحاق بالتعليم الإعدادي .
بهذا النجاح تجدد نشاطي وبدأت أحس وكأنما الدنيا تبتسم في وجهي من جديد وأيقنت أن المربين ليسوا سواء معاملة وسلوكا وحبا لمجاله التربوي فبدأت من جديد أفكر في الأستاذ والمادة والبناية الجديدة بدل مدرستي القصديرية التي أصبحت في عداد الماضي القريب الذي لن يعود إلا في الحكي والذكريات التي تدخل بفرحها وحزنها بآمالها وأحلامها وأحزانها في علبة توابل الحياة
بدأت كذلك أفكر في الأصدقاء الجدد والمستقبل الباسم لكن في صمت فلقد تعلمت من معلمي الأول كيف أعبر عن فرحتي .................................................. ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ



كي لاأطيل عليكم سأوقف المتابعة في الإعدادي و الثانوي لأفتح لكم ملفا آخر من نوع آخر بطريقة أخرى وحكي آخر
{ ــ اليخت ـــ } وتبقى مهنة التعليم منة من الله لا يرتدي وزرتها: ميدعتها إلا من وهب نفسه لله عز وجل وردد الحديث عن ابن حيان رضي الله عنه قول رسول الله الصادق الأمين :
إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته


فعلا التعليم رسالة
لكن لماذا هي رسالة ؟
لنبلها وقيمتها عند الله سبحانه وتعالى جعلها أول ما أنزل من الوحي على رسوله الأعظم
لكنها أم المهن وأم الرسالات
فالطب رسالة والعلم رسالة والصناعة رسالة والحدادة رسالة والدرازة رسالة وكلها مجتمعة مسؤوليات على الفرد أن ينتبه إلى الحديث الذي رواه أبو حيان رضي الله عنه :
- إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته
وألهمنا وإياكم رؤية ما تحمله هذه الرسالة من صدق للعباد

الإخوة الكرام

لقد أسعدني مروركم العطر

على موضوع أعتبره بداية البداية

وسببا من الأسباب الرئيسية لاختياري

مهنة التعليم وأحبها

ذلك وإنني لأعتبرها أحسن

المهن باعتبارها تتربع على عرشها

فكل مهنة رسالة مادام صاحبها يقر أنه مسؤول

عنها و عليها إنما خير هذه الرسالا ت

هي رسالة مهنة التعليم بارك الله

فيكم وحياكم وجعلنا

نستزيد من

عطاءاتكم المتميزة